في جلسةٍ شبابية قلت لهم: ما هي آخر الصرعات الشبابية على برامج التواصل الإلكترونية؟ فقال أحدهم: أنا أستطيع خلال خمس دقائق أن أحضر لك فتاة من (بنات الهوى) إلى مكاننا هذا. فنظرتُ إليه مستغربًا، فقال لي صديقه: إذا كنت مستغربًا مما نقول، فدعنا نجرّب لك الآن. وفعلاً فتح أحدهم النقّال على برنامج أمامي، وخلال خمس دقائق شبكت فتاة معهم تبعد عن مكان تواجدنا 25 كيلو مترًا، والغريب في الموضوع أنها مستعدة الآن لأنْ تلتقي بهم للتسلية والترفيه بمقابل مبلغ مالي، أو خدمة لتخليص معاملة بالدولة.
جلست أتساءل: ما الفرق بين مجتمعاتنا والمجتمعات الغربية في أوربا؟!
علمًا بأن قوانين أوربا تغيّرت خلال العشر السنوات الماضية لحماية (حقوق الأقليات) كما يسمونها، ومنهم بنات الهوى والشاذون جنسيًّا وغيرهم، وقد نالوا حقوقهم كاملة في أغلب دول أوربا، ففي ألمانيا -على سبيل المثال- صدر قانون لحمايتهم في عام 2002م.
بل إن صناعة الجنس في العالم تعتبر ثالث أكبر تجارة بعد تجارة السلاح والمخدرات، حتى إنه خلال فعاليات كأس العالم قبل الأخيرة قامت شبكات الدعارة بتوفير ما لا يقل عن 40000 من بنات الهوى من أجل الترفيه للمشجّعين والرياضيين وتأسيس متاجر ضخمة لبيع لوازم الممارسات الجنسية، بل ذهبت فرنسا لأكثر من ذلك من خلال المطالبة بتسويةٍ قانونية لسوق الدعارة والاعتراف ببنات الهوى بأنهن يساهمن في تنشيط الاقتصاد والتنمية المجتمعية، ومن حقهن المساهمة في صندوق التقاعد والحصول علي تعويضات اجتماعية والتمتع بالتغطية الصحية واستلام بطاقات مهنية قانونية، وكذلك الحال بالنسبة للأماكن الخاصة بالشاذين جنسيًّا.
ولعل من غرائب الأشياء أن فرنسا تعتبر هؤلاء من الأقلية التي ينبغي أن تحترم حقوقها، بينما الأقلية المسلمة عندما تعبِّر عن دينها وعِفتها وسموّ أخلاقها بالحجاب تُحارب، علمًا بأن كليهما من الأقلية حسب المصطلح الأوربي.
مَن يتتبع المسيرة الاجتماعية في الغرب يرى بوضوح علامات الانهيار الأسريّ، حتى صارت الحكومات عندهم تقدِّم إغراءاتٍ مالية لكل مَن ينجب طفلاً؛ وذلك لأن الكيانات الأسرية تغيّرت، فيمكن لرجلين أن يعيشا مع بعض أو امرأتين أو رجل وامرأة، فهذه الكيانات الجديدة صارت تضرب مبدأ التعمير في الأرض؛ وذلك من أجل تحقيق الرغبات الجنسية؛ لأن الجسد يُنظر إليه أنه مِلك للإنسان وله مطلق الحرية في التصرُّف فيه، بل حتى الشاذين جنسيًّا اعتمدوا لهم مبدأ التبنّي للأطفال تشجيعًا لزيادة الذرية.
فهذه هي الفوضى الجنسية التي يعيشها الغرب، والتي بدأت أرى خيوطها تمتد إلينا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي في بلادنا، وضعف التربية الدينية الصحيحة والوسطية في مؤسساتنا وبيوتنا وضعف التوجيه التربوي في مدارسنا بمقابل ما نراه ونسمعه يوميًّا من ممارسات إباحية.
ففي الأسبوع الماضي أحد مديري المدارس جمع كل الهواتف النقالة للطلبة في المرحلة الابتدائية ويقول: اكتشفنا من أصل 300 هاتف أن 200 منها فيها أفلام أو صور إباحية؛ يعني ثلثي طلبة المدرسة الابتدائية.. فهذه تحتاج منا لوقفة وتحرُّك.
وبالمناسبة.. فهؤلاء الشباب الذين جلست معهم تحدثوا معي في نهاية الجلسة عن برنامج خاص للشاذين جنسيًّا يتم التعرف عليهم من خلال الهاتف النقال، فقلت لهم: لماذا لا نعمل (فريق الخير الإلكتروني) للدخول على مثل هذه البرامج والحوار مع الفتيات والشباب؟ فربما كلمة طيبة تؤثر فيهم ونأخذ الأجر العظيم، وكما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حُمر النعم». فابتسموا وقالوا: فكرة ذكية، دعنا نفكر فيها.
ثم قمت وشكرتهم ومشيت وأنا أفكر في كيفية معالجة هذه الظاهرة في مجتمعاتنا؛ لأنها فعلاً بدأت تعصف بنا، وأذكر أني كتبت مقالاً عنوانه (5×5) وضّحت فيه كيف نحمي أبناءنا من العصف التكنولوجي الإباحي، وقد انتشر انتشارًا كبيرًا والحمد لله.
وختامًا أقول: إنه لا بد أن نتحرّك لحماية شبابنا بالإيمان والعلم، وتدريبه على ضبط الشهوة وتقوية الإرادة، والتذكير بمنهج (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي).
0 التعليقات:
إرسال تعليق